هل تُجسّد المسلسلات التلفزيونية السوداء الواقع أم تسعى لجذب الجمهور العام؟
أثناء مشاهدة المسلسلات التلفزيونية خلال صيف عام ٢٠٢٠، ظهر تباين صارخ بين المسلسلات الكوميدية السوداء القديمة والعروض المعاصرة. قدّمت عروض كلاسيكية مثل “Living Single” شخصيات متعددة الأوجه وقصصًا واقعية، متجنبةً الصور النمطية ومركزةً على التجارب السوداء دون الاعتماد على شخصيات بيضاء أو تفسيرات. أثار هذا التصوير الدقيق انعكاسًا على تطور تمثيل السود في التلفزيون.
تشعر في كثير من الأحيان أن العروض الحديثة مثل “BlackAF” و “Black-ish”، على الرغم من كونها مسلية، موجهة نحو الجماهير البيضاء. غالبًا ما تشرح جوانب الثقافة الأمريكية السوداء التي سيفهمها ضمنيًا الجمهور الأسود، مما يشير إلى جهد واعٍ لتلبية احتياجات جمهور أوسع. هذا يثير تساؤلات حول الضغوط التجارية التي قد تؤدي إلى تخفيف السرد الأسود الأصيل من أجل جاذبية أوسع.
يتضح هذا التخفيف في المونولوجات التفسيرية المتكررة في عروض مثل “Black-ish”، والتي غالبًا ما يلقيها رب الأسرة، ويبدو أنه يخاطب جمهورًا غير أسود. هذا النهج، في حين أنه قد يزيد من عدد المشاهدين والنجاح التجاري، فإنه يخاطر بالتضحية بالفروق الدقيقة الغنية والفهم الثقافي الضمني المتأصل في سرد القصص السوداء الأصيلة. إن الحاجة إلى شرح المراجع الثقافية وجوانب الحياة السوداء تقلل من السحر الفريد وتعقيد هذه الروايات.
علاوة على ذلك، يمكن أن يبدو دمج اللغة الإنجليزية العامية الأمريكية الأفريقية (AAVE) في الثقافة الشعبية، والذي يُرى غالبًا في المسلسلات الكوميدية السوداء المعاصرة، مصطنعًا في بعض الأحيان، حيث يجذب الجماهير السائدة مع تجنب المشاركة بشكل أعمق في القضايا الاجتماعية والسياسية. اعترف مبتكر “Black-ish” بتجنبه ذكر حركة Black Lives Matter بشكل صريح في حلقة عن وحشية الشرطة، مشيرًا إلى رغبته في تجنب تسييس العرض.
إن هذا التجنب للتعليق السياسي الصريح، على الرغم من أنه مفهوم من منظور تجاري، إلا أنه يبسط القضايا المعقدة ويحد من إمكانية إجراء حوار مفيد. يتناقض هذا مع عروض مثل “A Different World”، وهو جزء منفصل من “The Cosby Show”، والذي تناول مواضيع مثيرة للجدل مثل الإيدز والاعتداء الجنسي بشكل مباشر، دافعًا الحدود ومظهرًا إمكانات التلفزيون الأسود للتعامل مع القضايا الاجتماعية الصعبة.
يقدم نجاح عروض مثل “Insecure” على HBO و “How To Get Away With Murder” على ABC منظورًا أكثر تفاؤلاً. تركز هذه العروض، التي أنشأتها وقادتها نساء سود، على تجارب الإناث السوداء بصدق وتعقيد، وحصلت على إشادة من النقاد ونجاح شعبي. يتردد صدى تصويرهم الحقيقي للحياة السوداء مع الجمهور دون التضحية بالفروق الدقيقة أو تجنب المحادثات الصعبة.
يشير نجاح هذه العروض إلى مستقبل واعد للتلفزيون الأسود، حيث يمكن أن يزدهر سرد القصص الأصيل وتطوير الشخصيات المعقدة دون تخفيفها للاستهلاك السائد. يبقى التحدي هو تحقيق التوازن بين الجاذبية التجارية والنزاهة والتمثيل الدقيق الذي يميز أفضل ما في التلفزيون الأسود.